لسماع القرآن قبل النوم فوائد عظيمة اغتنميها


فضل قراءة القرآن وسماعه:
حثّنا ديننا الإسلامي على قراءة القرآن الكريم والاستماع والإنصات له؛ لما له من فضل وأجر عظيم؛ إذ تُعدّ قراءة كتاب الله عزّ وجل من أفضل القربات التي يُمكن للمسلم المواظبة عليها والتقرّب بها إلى الله سبحانه وتعالى إذا كانت خالصة لوجه الله تعالى ولابتغاء الفضل والثواب، سواء أكانت قراءته للحفظ أو المراجعة أو الاستدلال به والتعلّم منه، وحتى البسملة التي نبدأ قراءتنا بها فلنا أيضًا أجر قراءتها، لأنها آية من القرآن الكريم، فالقرآن الكريم كُتاب الله المُبارك والذي يُتعبّد بقراءته، ولا فرق إن كانت قراءته من المصحف الورقي أو من المصحف الإلكتروني عبر شاشات الهواتف المحمولة، وكذلك فإنّه يُتعبّد بالاستماع له أيضًا، فيُستحب الاستماع للقرآن الكريم والإنصاتاليه لما له من عظيم الأجر والثواب، فهي عادة الصحابة والصالحين -رضي الله عنهم-، فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يُحب سماع القرآن الكريم من غيره، ويخشع عند سماعه حتى تذرف عيناه الشريفتان، وقد حثنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الاستماع للقرآن الكريم بإنصات والاستجابة له وتدبّر وفهم معانيه والانتفاع بمواعظه.

وللاستماع القرآن الكريم العديد من الفضائل التي تنال المُسلم، ومنها ما يلي:
_ الاستماع للقرآن الكريم سبب لنيل وكسب رحمة الله عزّ وجل: إذ يُعدّ الاستماع لكتاب الله سبحانه وتعالى أحدّ الأسباب التي يمكن للمسلم اتّباعها من أجل نيل رحمة الله في الدنيا والآخرة، وقد أوجب الله عزّ وجلّ على نفسه رحمة عباده في حال تحقيق شروط الاستماع والإنصات لكتابه، والدليل على ذلك قوله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204].
الاستماع للقرآن الكريم سبب لهداية الإنس والجنّ: فقد بشّر الله سبحانه وتعالى المسلمين الذين يُحافظون على الاستماع لكتابه عزّ وجل بالهداية، ووصفهم أيضًا بأنّهم أولو الألباب وأنهم أصحاب عقول نيّرة وسليمة وصحيحة، فهم يتّبعون أحسن القول، ويميّزون بين الحق والباطل، ولا يتبّعون إلّا الحق، فهم عرفوا الحَسن وغيره، ولكنّهم آثروا الخير والحسن على سواه، فتدبرهم لكتاب الله عند سماعه والاستجابة لأوامر الله عزّ وجل وتجردّهم من شوائب النفس واتّباع الشهوات والهوى هو هداية من الله سبحانه وتعالى لهم، من أجل ذلك فقد جعل الله سبحانه وتعالى الاستماع لقراءة القرآن الكريم هداية للكفار أيضًا، وسبب لدخولهم في الاسلام، ولا يقتصر ذلك على عالم الإنس فقط، بل يُمكن أن يكون الاستماع له سببًا لهداية الجن أيضًا ودخولهم في الإسلام، فقد ورد في قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: 1-2].- الاستماع للقرآن الكريم سبب لخشوع القلب وبكاء العين: فقد كانت سّنة الأنبياء عليهم السلام والصالحين وطريقتهم في الاستماع لكتاب الله عزّ وجل، فقد كانوا عندما يسمعون آيات الله تعالى تُتلى عليهم تخشع قلوبهم وتفيض عيونهم بالبكاء والدموع ويتأثرون كثيرًا بكلامه عزّ وجل، فقد ورد في قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58].

فوائد سماعكِ للقرآن قبل النوم:

يعدّ سماعكِ للقرآن الكريم قبل نومكِ أمرًا عظيمًا لما فيه من الأجر والثواب، فأنتِ بذلك تتبعين سُنّة رسولنا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقد حثنا ديننا الاسلامي والسنة النبوية الشريفة على قراءة الأدعية والأذكار والعديد من الآيات والسور قبل النوم، لما ورد عن عائشة رضي الله عنها: {أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ في يَدَيْهِ، وقَرَأَ بالمُعَوِّذاتِ، ومَسَحَ بهِما جَسَدَهُ} [صحيح البخاري| خلاصة حكمالمحدث: صحيح]، ولا حرج في سماع القرآن الكريم أيضًا قبل النوم، سواء أكان ذلك في أيام رمضان المباركة، أو في الأيام العاديّة، لما له من الفوائد العديدة؛ فسماعه يجعل الطمأنينة في قلبكِ، ويشرح صدركِ، فبآياته تطمئن القلوب، وتنالين فضل وأجر سماعكِ لآياته سبحانه وتعالى، وعليكِ تحقيق جميع شروط الاستماع له حتى تنالين الأجر كاملًا، ويكون ذلك بالاستماع والإنصات معًا؛ ويعني ذلك ترك ما يشغلكِ عن سماعه، وتركيز سمعكِ كاملًا في آياته التي تُتلى، واستحضار قلبكِ أثناء تلاوته، وتدّبر معانيه، والاستجابة له، للحصول على رحمته تعالى، ونيلكِ للخير الكثير، والعلم الوفير، والإيمان المُستمر والمتجدد، والبصيرة في دينكِ.