كيف تجذب الناس كالمغناطيس؟

يسعى العقل البشري دومًا إلى ربطِ ذاتِ الإنسان وواقعهِ الاجتماعي المحسوس، فالعقل مصدرُ توجيه لأعمالنا وكلامنا، وهو مركزُ تنظيم مشاعرنا وأحاسيسنا قُبَالة أفراد مجتمعنا. فالإنسان وبصفتهِ الأساسية أنّهُ كائن وشخصٌ اجتماعيّ، لا يستطيع أن يعيش بشكل منعزل عن بيئتهِ المحليّة، ولا يمكنه التّخلي عن علاقاتهِ ومسيرتهِ الاجتماعيّة، فهو محكومٌ بقيود فن التعامل الإيجابي مع أفراد مجتمعاته.

واهتمَّ الإنسان منذُ الأزل بعلاقاتهِ الاجتماعيّة مع زملائه في عمله وسكنهِ، وراحَ يطوّر ويحسّن طريقة تعاملهِ مع الغير إلى أرقى الحدود. كما ساهم كُل من علم النّفس وعلم الاجتماع في توضيح طريقة التّعامل الصّحيح والبنّاء مع باقي البشر، فهما مصدرًا مهمًّا لدراسة السّلوك البشري ومعرفة إمكانيّاتهِ المعرفيّة في التّعامل الأخلاقي المنطقي، وقد أُطلِقَ عوضًا عمّا ذكرناه مصطلح جديد وهوَ علمُ النّفسِ الاجتماعي.

علم النّفس الاجتماعي هوَ واحد من العلوم الفلسفية الاجتماعيّة، يسعى إلى الكشف عن السّلوك البشري تجاه باقي البشر، ومدى إمكانيّة الاستجابة والقابليّة للمُحرّضات الاجتماعيّة، وقد اتّبعَ هذا العلم منهجًا وحيدًا وهو إقامة مجتمع أمثل مُرتكز على فهم سلوك الأفراد وسلوك الجماعات.

على الرّغم من هذا إلّا أنّه ما زال يوجد بشر يعانون من سوء التّعامل مع الغير، وبوصفهم لهذا التّعامل بأنّهُ فنٌ من فنون الحياة لا يستطيع أن يُتقِنَه سوى المحترفين. وفي هذا الإطار سنتحدّث لكم عن أفضل الكتب الّتي تناولت فن التعامل الاجتماعي.


كتب تعلّمك فن التعامل مع النّاسلا تكن لطيفًا أكثر من اللازم ـ ديوك روبنسون

إنَّ الإنسان عُرضة لأخطاء لا تنتهي في حياتهِ كالثّقة الزائدة والعمياء، منَ الممكن أن تتجسّد في حياتهِ مع زملائهِ أو الأشخاص في المحيط. كتاب لا تكن لطيفًا أكثر من اللازم – Too Nice For Your Own Good من أنجح الكتب الّتي تعلّمك كيّفية بناء علاقاتك الاجتماعية، ألّف هذا الكتاب الأمريكي ديوك روبنسون – Duke Robinson وأصدره للمرة الأولى عام 2000. يتكوّن هذا الكتاب من 308 صفحات، وترجم إلى اللغة العربيّة.

كانَ مُجمل ما جاءَ في هذا الكتاب بأنَّ السّلوك القائم على النّوايا الصّادقة ضروري للمحافظة على تماسك المجتمع، ولكن لا يمكن أن نُهمل جانبهُ السّلبي، حيث الإنسان البسيط يُعاني من نفاق المُجتمع مما يجعلهُ يَكذب على نفسه وغيرهِ. تحدّثَ روبنسون في إنجازهِ هذا عن تسعة مشاكل سلبيّة يعاني منها ويواجهها كلّ إنسان لطيف، وقد رتّبها من المشاكل الأكثر شيوعًا إلى الأقلّ، وشرحَ فيما بعد كيفيّة إيجاد حلول لهذه الأخطاء وذلك لإصلاحها وتجنّبها في المرات القادمة.

في بداية الكتاب تحدّثَ الكاتب عن أليّة التعاملك مع الأصدقاء والأقرباء بمنتهى اللُّطف والإخلاص، والمحاولة الدّائمة في إسعادهم والابتعاد عن التّجريح والعتاب، على الرّغم من الاستهتار الّذي يُبادرون هم بهِ. وبعدَ ذلك طرحَ في كتابهِ بعض الأخطاء الّتي تواجهنا، وأعطى بعض الاقتباسات المميزة والفريدة، شارحةً ما يجري في حياتنا مع الآخرين.

وفي نهاية هذا المجلّد الصّغير طرحَ عددًا من الأفعال المنطقيّة والواقعيّة لإنهاء العلاقات الفاشلة مع الآخرين، بالإضافة إلى وضع حدود لكلّ علاقة غير ناجحة. ومن أعظم ما جاء في كتابه:

“العلاقات المسيئة تعتبر أسوأ من عدم وجود علاقات على الإطلاق، وفي الحقيقة إذا استمروا في الإساءة إليك، فقد تضطر لقطع علاقتك بنفسك”

فن التّعامل مع النّاس ـ دايل كارنيغي

إنَّ التّعامل مع النّاس واحد من التّجارب الضّرورية في حياة كل فرد، ومن الأرجح أن يفشل الكثيرون في خوض هذه التّجربة.
كتاب فن التّعامل مع النّاس – The Art of Dealing With People من الأعمال الأدبيّة البنّاءة لمساعدة الذّات، ألّفهُ الكاتب الأمريكيّ دايل كارنيغي – Dale Carnegie وطبع لأوّل مرة عام 2010. يتكوّن هذا الكتاب من 186 صفحة، وتُرجمَ لعدّة لغات ومنها العربيّة.

تحدّثَ الكاتب فيه عن التّجارب والأعمال والأحداث الّتي منَ الممكن أن يخوضها الإنسان، حيث أوضحَ في كتابهِ هذا عن لُزوم وجود الاختلافات بين البشر، وذَكرَ فيه بعض الخبرات المكتسبة فيما بعد التّعامل مع الأشخاص.

هذا الكتاب كانَ مقسوم إلى ستّة فصول، ومن أهم ما جاءَ فيه:

  • الفصل الأوّل: أنَّ على الإنسان الاعتماد على المُرتكزات الأوّلية للتعامل والتَّواجه مع المجتمع.
  • وفي الفصل الثّاني من هذا الكتاب، تحدّثَ الكاتب عن أهميّة الأسس والمرتكزات الفنّية لاستمرار نجاح العلاقات بين النّاس.
  • أمّا فصله الثّالث، شرحَ الكثير من الشّروط والأسرار والمفاهيم المجهولة لكسب محبّة المحيط من البشر.
  • اعتمدَ ديل في الفصل الرّابع على توضيح أهميّة الأدبيات والأخلاق الرّفيعة أثناء التّقابل مع النّاس، وقالَ عنها بأنّها الشّرط الرئيسي في بناء الرّوابط الاجتماعيّة المميّزة.
  • خصصَّ الفصل الخامس للتحدّث عن الأصدقاء ومدى الهناء في الحياة أثناء وجودهم في مَعيشَة الأشخاص. وأنهى كارنيجي كتابه بالتّكلم فيه عن القواعد والقوانين الواجب تطبيقها في الحياة العائليّة والأُسريّة، وأعطى أيضًا اثنتا عشرة قاعدة لبيان كيفيّة التّعامل مع الزّوجة.
أساسيات العلاقات ـ جون سي ماكسويل

عندما يرتبط الموضوع فن التعامل والعلاقات، يبدأ أيّ شيء بالاحترام بُغيّة إعطاء القيمة للأخرين. كتبَ هذا الكتاب المُؤلِّف جون ماكسويل _ John C. Maxwell ويتألّف الكتاب من 91 صفحة. يعتبر هذا الكتاب واحد من أروع الكتب العالميّة وأكثرها سهولةً وشرحًا. بدأ جون بالتّحدث عن تشكيل العلاقات الإيجابيّة، وبأنّها واحدة من أهم أركان النّجاح والتّميّز.

يُقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول، وكلّ فصل يتناول موضوعًا من موضوعات العلاقات الاجتماعية. في الفصل الأوّل من هذا الكتاب، تحدّثَ الكاتب عن أهميّة نجاح العلاقات، وقد شرحَ فيه أسباب النّجاح كالعمل ضمن فريق واحد، وأكدَّ جون في هذا الفصل عن أهميّة فهم آراء الآخرين واعتقاداتهم. وهنا قالَ واحدة من الجُمَل الشّهيرة المُتَداولة في حياتنا كلّ إنسان يحتاج لإنسان.

واعتمدَ في الجزء الثّاني على شرح المكوّنات الأساسيّة للعلاقات، كالتّشجيع المستمر والعزيمة. كما أكدَّ ماكسويل على أهميّة الارتباط بالآخرين وتنظيم طُرق العلاقات مع البشر.

وفي الجزءِ الثّالث والأخير من هذا الكتاب، أوضحَ أهميّة وجود الثّقة بين النّاس من خلال التّعامل الجيّد وتوفّر الاستقامة والاعتدال، وتحدّث أيضًا في هذا الفصل عن ضرورة بناء أسرة متحابّة متماسكة ناجحة. وقد ختم كتابه ببعض السّطور عن ضرورة حكمة القائد
وضرورة تفانيه في عملهِ حبًّا بالنّاس لا طمعًا بموقعهِ ومنصبهِ.


كتاب فن التّعامل مع الزّملاء ـ نورمان سي هيل

دائمًا ما يسعى العاقل إلى كسب الأطراف لصالحهِ، وكسب العلاقات النّاجحة مع أصدقائهِ وزملائهِ. يعد هذا الكتاب من أهم الكتب الّتي تشرح لك كيفيّة بناء علاقاتك مع الأصدقاء في عملك، ألّفَ هذا الكتاب المبدع نورمان سي هيل – Norman C. hel وأصدرهُ عام 2001، وترجمَ إلى عدّة لغات.

ومن أهم ما تحدّثَ عنهُ كتاب فن التّعامل مع الزّملاء – How to Increase Employee Competence هو شروط بناء العلاقات الجيّدة مع زملائك، كما وقالَ جون بأنٍّ الاحترام الصّادر عنك وعن زملائك ليسَ سوى ركن الأساسيات الّتي يعمل ضمنها الفريق. وقد قالَ هيل عبارةً يجب على كلّ من يقرئها الإلتزام بها:

“إنَّ الإنسان النّاجح والواثق بنفسهِ هو الّذي يعترف بالأخطاء إن بَدرَت منهُ تجاه الأخرين، وذلك ليصلحها، ويتجنّب الوقوع فيها مجددًا”

يتكوّن هذا الكتاب من أربعة فصول، وكلّ فصل حلّلَ قضيةً عن طرق التّعامل مع الزّملاء في العمل، كما واحتوى على الكثير من القواعد الجيّدة في هذا الخصوص. ففي الفصل الأوّل تحدّث عن العلاقات القائمة بين زملاء العمل، وأنَّ على الأفراد أن يتعاملوا فيما بينهم بثقة وإخلاص. وخصصَ الفصل الثّاني للشرح عن تطوير العلاقات الإيجابيّة مع الزّملاء، فالإنسان يتعرّض لسوء فهم في بعض الأحيان، لذا عليه أن يفهم الأمور أوّلًا ثمَّ يبرز رأيهُ، واعتبر مورمان بأنَّ هذا بندًا من بنود أسس تطوير العلاقات.

وتكلّم في الفصل الثالث والرّابع عن كيفيّة إنجاح وتحسين التّعامل والعلاقات مع زملائك، كما توضّح لنا أنَّ أسس التّطوير هيَ مفتاحًا للنجاح والرُّقي.


كيف تجذب النّاس كالمغناطيس ـ ليل لاوندس

كتاب كيف تجذب النّاس كالمغناطيس – How to Be a People Magnet واحد من الكتب الّتي تهتم في التّنمية المُستدامة البشريّة وبشكل أخصّ في تركيب العلاقات، ألّفَتهُ الكاتبة ليل لاوندس _ Leil Lowndes وتم نشره باللغة الإنكليزيّة سنة 2000. وقد وُرِدَ فيه حوالي 230 صفحة، كشفت فيهم الكاتبة عن أسرار تشكيل الصدّاقة وعلاقات الحبّ والعشق، وأعطت بعض النّصائح للحفاظ على هذه العلاقات طوال الحياة. كما وتحدّثت ليل عن الطُّرق الّتي تجعل أيّ شخص يحبك أو يقع في مجال عشقك.

يقسم هذا الكتاب إلى خمسة فصول وجاءَ في مضمون كلّ فصل:

  • في الفصل الأوّل تحدثت الكاتبة عن الاستثمار الحقيقي للعلاقات الاجتماعية، وكيفية صنع علاقات إيجابيّة وناجحة والمحافظة عليها.
  • وعرضَ الجزء الثّاني بعض القصص الّتي تجعل البشر يحبّون القارئ، وتجسّدت في امتلاك شخصيّة إيجابيّة ومرموقة، تنظر للحياة نظرة رضا وقناعة وتفاؤل.
  • وتخصصَ الفصل الثّالث عن إبراز ضرورة امتلاك أيّ أحد كالأصدقاء الّصادقين والأحبّة، وأهميّة بناء علاقات مرموقة معهم.
  • كما تحدّثَ القسم الرّابع عن استشعار الحبّ منَ النّظرات الأولى، كما جاءَ في مضمون هذا الفصل بعض الاختلافات الموجودة بين الذّكور والإناث.
  • وفي الفصل الأخير من هذا الكتاب تكلّمت الكاتبة عن الّصداقات القائمة مع الخبراء في مجال الحياة والعمل، وكذلك علاقات الصّداقة المبنيّة مع المتفوقين في مواهبهم.

ومن المقتبسات المميّزة الموجودة في هذا الكتاب:

من المؤكد أن تعرف أشخاصًا يمكن اعتبارهم جذابين للآخرين، وهذا لا يعني بالضرورة أن يكونوا جميلو المظهر أو أغنياء.

وهكذا سنقول بأنَّ تحسين العلاقات الاجتماعيّة وتطوير التّعامل مع الآخرين، مبنيّ على طريقتنا في الحياة، ومُرتكز على مدى توسّع فِكرنا من غمامة التّفكير السّلبي. وكلّ شخص انطوائي ويحبّ العزلة عليه أن يقرأ هذه الكتب، فإنّهُ حتمًا وبلا شكّ سيخرج من ظلام هذا الصّندوق بعد أن يفهم معنى العلاقات.