الروايات اليابانية بفترة ما قبل الحرب العالمية الثانيةناتسومي سوسيكي، 1867-1916
يعتبر من أعظم كتاب اليابان، ولد قبل سنة من عهد الإمبراطور ميجي 1852 – 1912 وبذل قصارى جهده في الكتابة حتى وهو على فراش الموت فعلًا. وعلى الرغم من أن ثقافته الغربية والمتأثرة بالأدب الغربي، بيد أنه يعزى إليه الفضل في إحياء الثقافة اليابانية. واعتُبِر السيد سوسيكي من أوائل الذين اهتموا بالحداثة وكتابة روايات مظلمة تتناول الجوانب النفسيَّة للبشريَّة. كان يعرِّف عن نفسه للآخرين بالعجوز البغيض، لا يجري محادثات مع أي شخص إلا إذا كان من ضمن دائرة الأصدقاء المقربين.
بدأ مسيرته مدرساً، واختارته اليابان في سن الثلاثين للسفر إلى إنكلترا، حيث أمضى سنتين في لندن ليعود إلى اليابان محاضراً في جامعة طوكيو. كان فعلًا يعاني من انهيارات ونوبات عصبية متكررة تدفعه للتوقف عن مهنة الكتابة. كتب قرابة الـ37 مؤلفاً بين الرواية والنقد، وأحاط نفسه بمجموعة من المثقفين الأذكياء.
وتُرجِمت له إلى اللغة العربيَّة مجموعة أعمال منها: فتاة اسمها ناوومي الصادرة بترجمة عربيَّة من فكري بكر عن دار الآداب اللبنانيَّة عام 1990، وأيضاً رواية قلوب الناس المعذبة التي صدرت بترجمة علي باشا عن منشورات وزارة الثقافة في دمشق خلال العام 1993، كما وأصدرت دار مسكيلياني ترجمة عربية لروايته وسادة من عشب أنجزها وليد السويركي خلال العام 2019.
الروايات اليابانية بفترة ما بعد الحرب العالمية الثانيةأوسامو دازاي، 1886 – 1965
أشدّ كتاب الروايات اليابانية عدميةً، لاقى إعجاباً منقطع النظير من قبل النساء اليابانيات على إثر كتاباته العاطفيَّة، وكان مدمناً على الكحول. وانتحر في التاسعة والثلاثين من عمره بعد مسيرةٍ حافلة من الاضطرابات الشخصية والنزاعات مع الناس والأدباء. وُصفت كتابتهُ مجملًا بالحسَّاسة والمرهفة والمشرقة حتى وهو غارق في التشاؤم والعتمة. من مؤلفاته الأثيرة: رواية شمس غاربة، والتي صدرت بترجمة عربية عن وزارة الثقافة والإرشاد القومي في دمشق خلال العام 1965، ورواية لم يعد رجلاً بترجمة محمد عضيمة، والتي صدرت عن دار التكوين السوريّة.
روايته لم يعد رجلاً تُعتبر سيرةً ذاتية بدأها بعبارة مثيرة للاهتمام: حياتي مخزية للغاية. إنها واحدة من أهم روايات الاعترافات بلسان راوي ليس في القصة إلا ضمير دازاي ذاته. وتتحدث الرواية عن اختيار دازاي لفكرة للعيش منعزلاً في سنٍّ صغيرة، يمكننا القول أنها رواية تبحث في الجنس والسياسة والكحول والمخدرات، والانتحار أيضًا.
ذلك المكوَّن الأساسي في جسد الرواية اليابانيَّة مجملًا. وانتحر دازاي مع حبيبته في عيد ميلاده 19 حزيران -يونيو من العام 1948. حصل ذلك بأنه قرر إغراق نفسه مع حبيبته في قناة مياهٍ في طوكيو. كما أنه احتفل اليابانيون بعام 2009 بالذكرى المائة لولادته باستعراضٍ عسكري عظيم، وبيع ما يربو فوق المليون نسخة من أعماله في نفس السنة، كما أن حياته شكَّلت موضوعاً لفيلم وثائقي فرنسي.
جونيتشيرو تانيزاكي، 1886- 1965
تأثر تانيزاكي بـ إدغار آلان بو – Edgar Allan Poe، وقد راهن الكثيرون على نيله لنوبل خلال فترة حياته. هرب من طوكيو بعد حدوث الزلزال العظيم بعام 1923 حيث انتقل إلى كانساي، ومن ثمّ إلى العديد من المناطق المتنوعة بداخل اليابان. تزوج المؤلف تانيزاكي ثلاث مرات، الأولى وهو بسن التاسعة والعشرين من عمره ثم بعدها تزوج من موظفة شابة كانت تعمل في مجلة أدبي.
إلا أن زوجته الثالثة كانت عائلتها مصدراً لإلهامه في عمله الشهير: الأخوات ماكيوكا. ذلك العمل الذي يشبه السجل العائلي الكبير، وسرد لحكايات شعبية. وله أيضاً البعض يفضِّلُ أزهار الشوك التي تدور حول زوجين يتصارعان مابين التقليد والحداثة. وهو بدون شك أحد أهم كتاب الروايات اليابانية في تلك الفترة.
اعتُبرت روايته الأخوات ماكيوكا كأفضل رواية يابانية حديثة، وقال عنها الفيلسوف جان بول: إنه عمل يعطي معرفة شاملة عن البلاد اليابانية. تدور الرواية حول تاجر كبير له أربعة فتيات، حيث توجد مؤامرة لإيجاد زوج مناسب لإحدى الأخوات. حكاية حب وتصوير لضياع الطبقة الراقية. ومن أعماله كذلك: التاريخ السريّ لأميرِ موساشي، والمفتاح الذي تعامل فيها مع المواضيع الجنسية مثل السحاقية والماسوشية إضافةً لمجموعة من القصص الغريبة.
كينزا بورو أوي، 1994 – حتى الآن
نال جائزة نوبل في العام 1994 واعتبر مثقفاً هائلاً رغم أنه لم يُقرأ في اليابان بشكل جيد، لكنه عبقري في الروايات اليابانية مجملًا. كتب مجموعة روايات تدور حول البحث عن النفس والذات في المرحلة التي تلت الحرب، قال عنه هنري ميلر – Henry Miller:
إن الأمل في كتابات أوي؛ مختبئ. وفي كتابته ثمة لمسات من طريقة دوستويفسكي. على الرغم من أن مجمل ما كتب اندرج تحت الوصف الغنائي والعاطفي، إلا أن الوصول إلى فهم معين يكون صعباً بطريقة ما.
مُنح نوبل بحسب الأكاديمية السويدية لعالمه المتخيل، حيث تكثيفٌ للحياة والأسطورة، ليشكل بذلك صورة عن المأزق الإنساني اليوم. وانتشر في اليابان في فترة الستينيات وكان قرائه من الطلاب الجامعيين اليساريين.
كتاب أوي كوكبة من الروايات اليابانية لكن الأكثر شهرة هي رواية هيروشيما، وفيها تحليل ووصف للقصف الذري لهيروشيما. وهي عمل مقترن بسيرة أوي الذاتية حول شعور أب نحو طفله المتضرر دماغياً، أيضاً رواية الصرخة الصامتة. وفي العام 1993 قرر الكاتب الابتعاد عن مفهوم الكتابة تمامًا، لولا أنه غير رأيه بعد الهجوم على نفق في طوكيو.
كتب في العام 2001 روايته آغوي وحش السماء التي يتحدث فيها عن ولدان ينتحران، إضافة إلى 16 مقالة تدور حول طفولته. أما روايته الأخيرة فهي رواية البستان، وتتعلّق بسيرة نسيبه ومحاولته الانتحار، اعتمد فيها على مناجاة مسجَّلة للمنتحر قبل انتحاره. وفيها تقنية قصصية مليئة بالممرات المظلمة المعتمة، إن ذكره لولده المعاق وزوجته الجادة في أعماله يعطي مؤلفاته نوعية رثائية.
في خطاب نيله لنوبل قال:
إن الحشمة كانت الشيء المهم في اليابان، ولكنها أمة باتت تعاني تصدُّعاً وتصارعاً بين قطبين معاكسين، وهذا التصارع وجد على العديد من الطبقات. لكن المصدر الأساسي لذلك الانقسام بين اليابان الحديثة مركز النفوذ الاقتصادي والتقني، وبين اليابان التقليدية.