أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي

النثر في العصر الجاهلييُعدّ النثر أحدَ قسمَيْ الكلام، فالقولُ كلّه إمّا أن تتمّ صياغته في قالب الشعر، أو أن يكون في قالب الكلام المنثور، أمّا النثر فهو إحدى صور التعبير الأدبي، كما أنّه يُعدُّ لونًا من ألوان الكلام، ولا يتقيّد بوزنٍ أو بقافيةٍ كالشعر، إلّا أنّه يعتمد على إيراد الخيال والصور وضروب من البلاغة؛ كالجناس والطباق والتشبيه والاستعارة، مع اهتمام صاحبه وعنايته بتجويده وإتقانه حتى ينال إعجاب القارئ، وقد شاع النثر في العصر الجاهلي وذاع صيته، ومن أشهر ألوان النثر الفني التي اشتهرت في ذلك الوقت: الخطب، والوصايا، وسجع الكُهّان، والحكم والأمثال، والقصص والرسائل، وفي هذا المقال سيتم الحديث أكثر عن أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي.
الفرق بين الحكم والأمثالقبلَ الحديث عن أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي، لا بُدّ من تعريف كلٍّ من الحكمة والمثل والتفريق بينهما، فالحكم والأمثال فنّان نثريّان وصلا للناس كما نطق بهما أصحابُهما، من غير تغيير أو تحريف، ولا زيادة أو نقصان، لما تمتاز به من تركيز بالغ، وإيجاز شديد، بالإضافة إلى قبولها للحفظ، واشتهارها على الألسن في كلّ مناسبة، وبذلك تكون أصح ما بقي ووصل من النصوص الجاهلية، وأقربها إلى أصولها الأولى، وإن كانت لا تقدم صورة كاملة عن النثر في العصر الجاهلي، والحكم والأمثال كذلك مرآة تعكس الواقع الاجتماعي والسياسي، وهي جمل قصيرة بليغة، تخلو من الحشو، وقد أوحت بها تجارب الحكماء والمعمّرين في الحياة بالإضافة إلى العلاقات بين الناس، وهي كذلك ثمار ناضجة من ثمار العيش الطويل الذي يصدر عنه الرأي المحكم، والفرق بينهما يعود إلى أنّ الحكمة قول موجز يتضمّن حُكمًا صحيحًا للأشياء، كونه نابع من واقع الشخص ومعاناة تجاربه في الحياة، أمّا المثل فيقترن في أصله بقصّة أدت إليه، ثم دخلت في نطاق الأمثال، بالإضافة إلى أنّ الحكمة تختلف عن المثل في أنّها تصدر في أغلب الأحيان عن فئة معيّنة من الناس لها تجاربها وخبرتها وثقافتها في الحياة بعكس المثل الذي يصدر عن عامّة الناس، وقد دوّن العرب أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي ممّا ساعد على حفظها وتناقلها على الألسنة، مع أنّ أكثر هذه الحكم والأمثال لا يُعرف أصحابها.
أشهر الحكم والأمثال في العصر الجاهلي- مَصارعُ الرجالِ تحتَ بروقِ الطمع: وهذه الحكمة دعوة للقناعة، لأنّ الطمع يقتل صاحبه.- رُبّ ملومٍ لا ذنبَ لهُ: هي دعوة إلى التثبّت من الأمر قبل توجيه اللوم والذنب للبريء.- أدبُ المرءِ خيرٌ مِنْ ذهبهِ: وتعني أنّ قيمة الإنسان بأدبه وليس بماله.- مَنْ فَسدتْ بطانتهُ كانَ كالغاصِ بالماء: وهذه تدعو إلى حسن اختيار الأعوان.- جزاؤهُ جزاءَ سنمّار: يضرب هذا المثل لمن يحسن في عمله فيكافأ بالإساءة إليه. - رَجعَ بخُفّي حُنين: ويضرب هذا المثل في الرجوع بالخيبة والفشل.- وافقّ شنٌ طبقة: يضرب للمتوافقين في أمر معين .- الصيفُ ضيّعت اللبنَ: يضرب لمن يضيع أمرًا على نفسه ثم يطلبه بعد فوات الأوان.- على أهلها جنت براقش: وبراقش اسم لكلبة لقوم من العرب وقد اختبأت مع أصحابها الغزاة، فلما عادوا خائبين لم يعثروا عليهم فنبحت براقش فاستدلوا بنباحها على مكان أهلها فاستباحوهم. - أعط القوس باريها: يُضرب هذا المثل في إعطاء العمل لمن يتقنه.