تأليف : رينيه ديكارت

في هذا الكتاب الذي يسميه ديكارت “ حديث الطريقة” يقدمه على أنه طريقته الخاصة به في تأمل الأمور و في فلسفتها و أن هذا العمل ليس موجهاً ليكون مثالاً للآخرين في كيف يجب أن تكون طرائقهم الخاصة ، إلا اللهم من باب مشاركة الآخرين بهذه الطريقة التي سار عليها ديكارت نفسه. و لأجل هذا التأمل انعزل ديكارت الخلق و مارس تأملاته الفريدة التي بدأها في نسف جميع المُسَلَمات و القواعد و البراهين : دينية كانت أم فلسفية أو هندسية رياضية ، ليبدأ بعدها - كما يقول- بناء بيتٍ جديدٍ بعد هدم البيت الفكري القائم ، فيشك في كل شيء ، و عندما لا يبقى شيئاً يشكُ فيه ، يصل لنفسه التي شكَّت و فكرت فيستدل أن لديه نفساً و ذاتاً موجودة هي التي قامت بعملية الشك و التفكير فيعتبر وجود الذات هو أول فكرة يسلَّم بها في فلسفته و منها ينطلق لبقية المسائل. و من خلال وجود فكرة الكمال داخل ذهنه يستدل على وجود إله خالق قادر عليم كامل أودع في أذهاننا فكرة الكمال و لو لا وجود هذا الاله لما كانت هذه الفكرة موجودة. و يعرج على انتقاد الثقة المطلقة بالحواس ضارباً عدة أمثلة من حقيقة أحجام الأجرام السماوية و بين ما نراها عليه من حجم تصوره لنا حواسنا، فاتحاً المجال للثقة أكثر بالميتافيزيقيا التي ينتقد من لا يؤمنون بها : كيف لهم أن يفرقوا بين حقيقة الأفكار التي تأتيهم وقت اليقظة و تلك التي تأتيهم إبان النوم أيهما أشد وثوقاً من الأخرى. ينتقل بعد ذلك لوصف بيولوجي دقيق لجسم الانسان و بالتحديد القلب و كيفية تشريحه و كيفية عمله و الشرايين التي يحتوي عليها و الأوردة المنظمة لعمله ، مستعرضاً التعقيدات العديدة في أجهزة الانسان و كيف أن القلب بما فيه من حرارة هو مصدر الحياة الأول الذي يمد كامل الجسم بما يحتاجه. و من القلب ينتقل للاستنتاج على تجرد النفس و استقلاليتها عن الجسد و على بقاءها بعد الموت و على العالم الاخر. و اللطيف في فقرة من فقرات الكتاب أنه يطير بتصوره للآلة التي يمكن أن تتحدث و تصيح و تعمل وفقاً للبرمجة البشرية، مما يجعلك تنتبه إلى أنه يصف الروبوت في تحليق للخيال سابق للزمن. بعد ذلك يدعو عوضاً عن الاكتفاء بالفلسفة النظرية لإيجاد فلسفة أخرى يسميها “فلسفة عملية” تساعد الانسان على تسخير عوامل الطبيعة بحيث يكون الانسان سيد الطبيعة و يسخر ذلك الاستغلال لزيادة راحته و صفاء مزاجه. يخصص القسم الأخير للتحدث عن نشر كتابه و عن سبب اختياره للغة الفرنسية -العامية آنذاك - لكتابته عوضاً عن اللاتيتية الرسمية و ذلك لكي يصل إلى أكبر عدد من الجمهور و لا ينحصر في طبقة المثقفين فقط.

---