تأليف : مصطفي عبده

د. مصطفى عبده يبدأ كتابه (فلسفة الأخلاق) بداية أكاديمية رصينة فيبين في مقدمته الأولى مباحث الفلسفة الثلاثة: مبحث الوجود ـ نظرية المعرفة ـ مبحث القيم. ويقدم تعريفاً موجزاً لكل مبحث، ويقدم ملحوظة ربما تكون على قدر كبير من الأهمية عند الدارسين المتخصصين، وهي أن مصطلح ما بعد الطبيعة أو الميتافيزيقا يطلق على مبحثي الوجود والمعرفة فقط،‏ فيكون معنى هذا المصطلح البحث في الوجود من خلال نظرية المعرفة.‏ وفي المقدمة الثانية يتحدث د. عبده عن صنوف القيم وطبيعتها وعلاقتها البينية، فيميز بين القيم كوسائل والقيم كغايات، ويبين أن مبحث القيم الفلسفي “الإكسيولوجيا“ يقتصر على القيم باعتبارها غايات في ذاتها.‏ كما يشير إلى اختلاف الباحثين في نظرهم إلى القيم: هل هي موجودة وجوداً مستقلاً عن العقل أم هي من اختراعه؟ ثم يبحث في العلاقة بين القيم: التوحيد بين الحق والخيرـ التوحيد بين الحق والجمال ـ التوحيد بين الجمال والخير.‏ أما المقدمة الثالثة فهي في تحديد (فلسفة الأخلاق) وهي تبين الفارق بين الإنسان والحيوان وتفرد الإنسان بالقيمة الأخلاقية.‏ بعد هذه المقدمات الثلاث يدخل المؤلف الفصل الأول الذي عنونه (فلسفة الأخلاق) ليقع في الكثير من التعسف في تصنيفاته ـ فـ الغائية TeLeoLogY‏ التي هي الفرضية والقول بأن ظواهر الطبيعة تهديها أغراض، ولها أرواح من نوع ما، تصبح نقيضاً للحدسية التي هي عامة: المقدرة على فهم الحقيقة مباشرة دون استدلال والتي هي في الأخلاق: اتجاه يعتقد أن الخير والواجب الأخلاقي مفهومان فريدان تماماً، ولا يمكن استنباطهما من معرفتنا بالإنسان أو المجتمع أو الطبيعة.‏ بينما يعرف المؤلف الحدسيين بأنهم (يرون أن الخيرية تخضع لقوانين ومبادىء مطلقة لا يحدها زمان ولا مكان فالمقياس ثابت لا يتغير بتغيير الظروف والأحوال، مطلق من قيود الزمان والمكان) ويعرف الغائيين بأنهم (يعكسون الآية إذ يقولون أن الخير والشر والحق والباطل مجرد أفكار اصطلح عليها الناس في حدود التجارب التي يعيشونها والظروف التي تسود حياتهم). والحقيقة أن المؤلف يميز بين أصحاب النزعة المطلقة والنزعة النسبية في الأخلاق، وإن اطلاق مصطلحي (الغائية) و (الحدسية) هنا يشوش الهدف من التصنيف ويزداد الأمر تشويشاً حين يضاف العنصر الثالث (مذهب الزهد والنسك) ليصبح التصنيف الثلاثي على هذا النحو:‏ 1ـ مذهب الحدسيين‏ 2ـ مذهب الغائيين‏ 3ـ مذهب الزهد والنسك.

---