تأليف : نوري ياسين هرزاني

الاعلام والجريمة - د. نوري ياسين هرزاني ان التطور التكنولوجي بشكل عام وفي مجال وسائل الاعلام بشكل خاص اصبح من الظواهر التي لها آثار إيجابية كما وأن لها آثار سلبية كثيرة على سلوك الفرد وعلى طبيعة نظم ومؤسسات المجتمع المختلفة وأدوارها. تتميز العلاقات الاجتماعية بين الأفراد في المجتمعات المتقدمة والنامية بأنها ذات طبيعة مصلحية وثانوية , وعندما تتعارض عمليات وأساليب التنشئة الاجتماعية التي يتلقاها الفرد في أسرته وجماعته المحلية مع ما يحصل عليها في المجتمع الكبير عن طريق عمليات الاتصال الحضاري ووسائل الاعلام , فأن ذالك التعارض والاختلاف ينعكس على سلوك الفرد وطبيعة علاقاته مع الآخرين , مما يعرض سلوك بعض أفراد المجتمع خاصة الذين لا يمتلكون مقاومة ذلك الصراع إلى الاضطراب والتوتر مما يعرضه إلى مواجهة العديد من المشكلات الاجتماعية كالانحرافات السلوكية والجرائم المختلفة . أن وسائل الاعلام في المجتمعات الحديثة ومن خلال عرضها الافلام والمسلسلات ونشرها الصور والمجلات التي تبالغ في ابراز الجريمة والعنف والكذب والقتل والأنحرافات السلوكية انما تؤثر في سلوك الناس وقيمهم وطبيعة علاقاتهم الأجتماعية . أن هذا التأثير يظهر بشكل خاص عند الناس الذين لايمتلكون الأمكانية لمواجهة الآثار السلبية لوسائل الاعلام , مما تدفع بهؤلاء إلى تقليد أبطال تلك الافلام والمسلسلات ومن ثم الميل نحو ممارسة السلوك المنحرف والجرائم . لقد لعبت وسائل الاعلام بعد انتشار الفضائيات والانترنيت والوسائل المتطورة الأخرى دورا كبيرا في ضعف العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع , ومن ثم ضعف تأثير الجماعات الأولية كالأسرة ودور العبادة , وأن ضعف دور تلك المؤسسات يؤدي بهم إلى عدم قدرتها في مواجهة القيم والعادات الاجتماعية الوافدة إلينا عبر وسائل الاعلام مما يؤدي إلى ضعف القيم والممارسات السلوكية واضطرابها والتي هي حالة ممهدة لأرتفاع نسبة الانحرافات السلوكية والقيمة في المجتمع .

---