تأليف : أحمد مطلوب

في تحصيل العلوم المصطلح له أهمية كبيرة، لأنه يحدد قصد الباحث أو المجادل أو المتحدث. وقد بذل العرب جهداً كبيراً في وضع المصطلح بعد أن اتسعت العلوم وتنوعت الفنون وتقدمت الحياة. فكان لا بد من دخول مصطلحات، وقد جابه العرب في القديم في خصوص تعريب المصطلحات وما يجابههم اليوم، فالنزعة إلى التعريب دعتها الضرورة القصوى، وجاءت معظم الألفاظ مقيسة على الأبنية العربية السليمة وقد استطاع العرب وضع مصطلحات عربية لكل فنون الأدب والبلاغة والنقد حيث وقف كثير من علماء اللغة والأدباء في وضع مصطلحات أدبية ونقدية كان لها أكبر الأثر في تقدم الحركة الأدبية الحديثة. ويبدو أن الاتجاه في السنوات الأخيرة بدأ يميل إلى الغرب وصار المؤلفون والمترجمون والنقاد يغرقون في المصطلحات الأجنبية ادعاءً أو استسهالاً مما أدى إلى طغيان المصطلحات الأجنبية فيما ينشر ويترجم، وبدأت الأصوات ترفع شعار "إشكالية المصطلح النقدي"، ومن يتابع حركة التأليف بما يثار من مشكلات أدبية أو فكرية. ومن يتابع حركة التأليف في هذا القرن لا يجد مشكلة بالمعنى الدقيق، فهناك تراث عربي ضخم يتمثل في أكثر من ألف وخمسمائة مصطلح أدبي وبلاغي ونقدي. ولو رجع من يرفع شعار "إشكالية المصطلح" إلى ذلك التراث لوجد الطريق ممهداً. هذا وإن انقطاع بعض المهتمين بقضايا الأدب ونقده عن التراث العربي أدى إلى هذه المشكلة المتصورة أو المفتعلة. ويأتي عمل الدكتور أحمد مطلوب في هذا المعجم بعد أن ارتفعت هذه الصيحة، فقد أراد معجمه هذا أن يكون أساساً لوضع المعجم النقدي في عهد تعددت فيه المناحي واختلفت الآراء، وأصبح الرجوع إلى معجم موحد ضرورة ملحة ليصدر الباحثون من منهج واضح. وضم المعجم ثمانية عشر وثمانمائة مصطلح ورد بعضها في "معجم المصطلحات البلاغية" الذي أصدره الدكتور مطلوب سابقاً لارتباطها بكتب البلاغة ولم يخرج هذا المعجم عن النهج الذي اتضح في المعجم الأول، وهو ترتيب المصطلحات بحسب توالي حروفها ليكون ميسراً لمن يبحث عن المصطلح. وكان المعنى اللغوي يسبق المعنى الاصطلاحي ليتضح سبيل الانتقال من المعنى الأول إلى المعنى الثاني، ولم يكن بد من التعرض لبعض مصطلحات العروض الكبيرة وبعض عيوب القافية لصلتها بنقد الشعر، ومن الوقوف عند مصطلحات الأدب لإكمال الصورة، ومن ذكر بعض ما جاء في معجم المصطلحات البلاغية وتطورها لأنها مشتركة بين الفنين، ولا يصح إغفالها.