تأليف : إفتكار السيد (نفرتاري أحمس)

اتضح أن الاتفاقيات الصادرة عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية هو نسخة مكررة، ومتضخمة، لـ"الامتيازات الأجنبية" الوقحة البغيضة التي عانى منها المصريون الأمرِّين قبل ثورة 1952. وأن محور اهتمامها شيئان، هما "الأجانب"، ومن تصنفهم باسم "الأقليات والفئات المستضعفة"، وأن عدوها الأول هو "الدولة الوطنية" بما تتضمنه من "الشعب الواحد والروح الواحدة المطمئنة المتآلفة المستقرة". أما الأعجب من كل ذلك، فهو: كيف أن معظم حكومات العالم، بما فيها حكومة مصر التي هي أقدم وأكمل من بنى الدولة الوطنية وذاق حلاوتها، استسلمت هذا الاستسلام المريع لتلك الاتفاقيات التي تسلم مصر للأجانب من كل صنف، تحت اسم لاجئين أو مهاجرين أو مستثمرين أو مجنسين، وتنزع سيادتها من نخاعها، وتنهش عظامها، وتخلع أركانها من الجذور، وتلقيها في النهاية نهبًا لكل يد تمتد إليها، كجثة ملقاة في الشارع ينهش فيها كل سعران، بلا حول ولا قوة. يدرس هذا الكتاب أمثلة لهذه الاتفاقيات، ويقارنها بتصريحات وقرارات الحكومة والبرلمان ورجال الأعمال، ويرصد التشابه أو التطابق بينها وبين الامتيازات الأجنبية التي تمتع بها المحتلون لمصر قبل 1952،ويحاول الكتاب الوصول إلى أسباب هذا الاستسلام، الذي هو أكبر هزيمة تاريخية أصيبت بها أي دولة سقطت فيه، ربما السبب الأول له هو النسيان، أو ربما الأصح، هو استمرار هؤلاء الذين يصرون أن ننسى، حتى يمارسون عاداتهم القديمة منذ أيام الاحتلال، في أخذ كل شيء، وبيع كل شيء، وهذه المرة، دون أن يجدوا رفضا ومقاومة.

---