ابن سعد

هو محمد بن سعد بن مَنِيع - بفتح أوّله، وكسر النون، وسكون المثناة تحت، ثم عين مهملة-، لم يتجاوز جميع من ترجمه جدّه منيعاً، وأما نسبته، فالأكثر على أنه مولى لبني هاشم، ومنهم تلميذاه ابن أبي الدنيا والبلاذري، وفسّر هذا الولاء تلميذه الحسين بن الفهم، فقال: "هو مولى الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب" ولا يعني هذا أنّه هو نفسه مولى الحسين بن عبد الله، فقد يكون جدّه، وربما أبوه؛ لأن هذا الفرع من البيت العبّاسي قد انقرض بموت الحسين ابن عبد الله، فقد توفّي الحسين في سنة أربعين ومائة، ولم يخلف بعده سوى ابنه عبد الله ومات ولم يعقب، ويشار إليه بأنه زهري، نسبة إلى زهرة بن كلاب من قريش، وهذا الاضطراب في نسبته يجعلنا في حيرة من ولائه بين بني هاشم وبني زهرة، والراجح لديّ الأول؛ لأن من نسبه إلى ذلك هم تلامذته، وهم أعرف الناس به، ويُحتمل أنه انتسب إلى بني زهرة، ثم إلى بني هاشم أو العكس، ويكنى بأبي عبد الله، وهذه الكنية لا تدل على أنه تزوج ورزق ولدا سماه عبد الله، لا سيما أنه لا يوجد ما يشير إلى أسرته وعائلته في جميع المصادر التي ترجمت له، ويُعرف ابن سـعد بكاتب الواقـدي، وصاحب الواقدي، والأول أكثر استعمالاً، وقد يكتفي بعضهم بلفظ (الكاتب)، وانفرد السمعاني بقوله: "ويعرف بغلام الواقدي"، ولُقّب بذلك نظراً لملازمته لشيخه محمد بن عمر الواقدي. ولد محمد بن سعد بالبصرة، ولم يوجد من نص على تاريخ ولادته من المتقدمين، أما الذهبي فقال:" وُلد بعد الستين ومائة، فقيل مولده سنة ثمان وستّين"، وهذا استنتاج من الذهبي فهمه من تاريخ وفاة ابن سعد- فقد ذكروا أنه توفي سنة ثلاثين ومائتين، ومن المدة التي عاشها، حيث نص تلميذه الحسين بن الفهم على أنه مات عن اثنتين وستين سنة. ولم يوجد شىء في مصادر ترجمته مما يتعلق بنشأته وأسرته، وكيف كانت بدايته لطلب العلم، والذي يظهر أن والده لم يكن من أصحاب الجاه، ولا من أرباب الرواية، إذ لو كان كذلك لعرّف به ابنه، فقد خصّص جزءاً كبيراً من كتاب الطبقات للتعريف بالعلماء من محدثين وفقهـاء، ولو كان من أصحـاب الجاه والنفـوذ لكان له ذكر في كتب التراجم، ومن خلال أسانيد ابن سعد ومصادره في كتاب الطبقات يتبين أنه تحمل عن بعض الشيوخ البصريين من أهل بلده في نشأته الأولى بالبصرة، ومن أقدم هؤلاء وفاة: عبد الله بن بكر السهمي (ت188هـ)، ثم إسماعيل بن علية (ت193)، مما يدل على تبكيـره في طلب العـلم، ولذا قال الذهبي في السير: "طلب العلم في صباه ولحق الكبار"، وكان من أبرز شيوخه البصريين أيضاً: عارم بن الفضل، وعفّان بن مسلم وأبو الوليد الطيالسي، ثم انتقل ابن سعد إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية، أكبر المراكز العلمية آنذاك، ومحط أنظار العلماء، ونقطة التقائهم من مختلف أنحاء البلاد الإسـلامية، فسمـع بها عن جمع من المحدثين من المقيمين بها أو الواردين عليها، وبها اتصل بشيخه الواقدي، ولزمه ملازمة شديدة وكتب عنه، حتى عُرف به، ونُسب إليه، وكانت بغداد في هذه الفترة تزخر بجملة من خيرة العلماء، وفحولهم، أمثال: هشيم بن بشير (ت183 هـ)، وإسماعيل بن علية (ت193 هـ)، وهما من شيوخه، ومن الفقهاء: القاضي أبو يوسف (ت182هـ)، ومن النحويين: سيبويه (ت183هـ)، ومن القراء: يعقوب بن إسحاق الحضرمي (ت205هـ)ومن أصحاب السيرة والمغازي:عبد الملك بن هشام(ت208 هـ) ومن النسابين مصعب بن عبد الله الزبيري (ت233 هـ)، وغيرهم كثير. تنقل ابن سعد في طلب العلم بين أشهر المراكز العلمية في عصره، فمن البصرة حيث كانت نشأته الأولى، إلى بغداد التي أخذت من عمره الوقت الكثير، يدل على ذلك ملازمته لشيخه الواقدي الذي قدم بغداد سنة ثمانين ومائة، واستقر بها حتى وافاه الأجل، ورحل ابن سعد أيضاً إلى المدينة المنورة، ومكة المكرمة، والكوفة، ولم تكشف مصادر ترجمته عن الترتيب الزمني لهذه الرحلات، ولا عن تاريخ كل منها، إلا ما ذكره ابن سعد في الطبقات في ترجمة أبي علقمة عبد الله بن محمد الفروي، حيث قال:"وكان قد لقي نافعاً وسعيد بن أبي سعيد المقبري...، ولكنه عُمّر حتّى لقيناه سنـة تسع وثمانين ومائة بالمدينـة المنورة "، وكانت وفاة الفروي سنة (190هـ)، ومن شيوخه المدنيين معن بن عيسى القزاز (ت198هـ)، وأنس بن عياض الليثي ( ت200هـ )، ومحمد بن أبي فديك (ت 199هـ)، وأبي بكر بن أبي أويس الأصبحي (ت202 هـ)، وغيرهم، فدخوله المدينة المنورة كان قبل سنة مائتين، مع احتمال تردّده عليها، وهذا يدل على تبكير ابن سعد في الرحلة لطلب العلم، مقتدياً في ذلك بسلفه من الأئمة الحفّاظ، ورحل إلى مكة أيضاً، وبها سمع من سفيان بن عيينة (ت198هـ)، ولم يكثر عنه، ومؤمل بن إسماعيل (ت206هـ)، وغيرهما من الأئمة الحفاظ من أهل مكة المكرمة، أو ممّن قدمها لأداء المناسك، حيث كانوا يعقدون فيها مجالس الحديث، ويظهر أنه تكرر قدومه إلى مكة، فسمع ممن ماتوا بعد سفيان ابن عيينة، كسعيد بن منصور (ت227هـ)، وعبد الله بن مسلمة القعنبي (ت221هـ)، وغيرهما، وقد صرح ابن سعد في الطبقات، أنه كان بمكة المكرمة، وسأل أحد العارفين بأخبارها- وهو أبو بكر بن محمد بن أبي مرة المكي- عن منزل عمر بن الخطاب الذي كان في الجاهلية، فذكره له، وأما الكوفة فقد صرح بأنه كان فيها مع شيخه عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي( ت192هـ)- وكان يمشي معه في حاجة لـه- فدله على دار الحكم بن عتيبة، ويشـكل علماء الكوفة قسـماً كبيراً من ثقافتـه، ومن أقدم شيوخه الكوفيـين الذين أخذ عنهم ولم يذكروا لـه قدوماً إلى بغداد حميد بن عبد الرحمن الرُؤاسي (ت189هـ)، وسمع بالكوفة ممّن كان فيها من كبار المحدّثين - بالإضافة إلى عبد الله ابن إدريس - مثل: عبيد الله بن موسى العبسي (ت213هـ)، وعبد الله بن نمير (ت 199هـ)، وغيرهما.. على أن هناك طائفة من مشايخه الكوفيين ممن قدموا بغداد وحدثوا بها، أو نزلوها، لا يمكن لنا الجزم بأن ابن سعد سمع منهم بالكوفة أو ببغداد من أمثال: أبي معاوية الضرير محمد بن خازم (ت195هـ)، ووكيع بن الجرّاح (ت197هـ)، وأبي نعيم الفضل بن دُكين (ت219هـ)، ومحمد بن فضيل بن غزوان (ت195هـ). ورد في وفاته ثلاثة أقوال، أولها وأرجحها ما سطّره تلميذه الحسين بن الفهم حيث قال:" توفي ببغداد يوم الأحد لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاثين ومائتين، ودفن في مقبرة باب الشام، وهو ابن اثنتين وستين سنة "؛ فهو أعرف الناس به، لكثـرة ملازمتـه له، بالإضافـة إلى أن أغلب المصادر ذكرت هذا التاريخ، وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل:" توفي سنة ست وثلاثين ومائتين"، ويبدو أن ما في الجرح والتعديل وقع فيه تصحيف؛ لأن ابن الجزري في طبقات القراء نقل ترجمة ابن سعد من الجرح والتعديل وصرّح بذلك ثم حدّد وفاته بثلاثين ومائتين، ولم يشر إلى خلاف في ذلك، وقيل سنة اثنتين وعشرين ومائتين، وأما الكتاني، فقد أضاف قولاً رابعاً في تاريخ وفاته، حيث قال:" توفي ببغداد سنة ثلاثين، أو خمس وثلاثين ومائتين"، ولم يقل بهذا أحد غيره.



تحميل كتب ومؤلفات ابن سعد

تميل قراءة كتب ابن سعد أونلاين كتب ابن سعد إلترونية تحميل براط مباشر كتب ابن سعد تحميل كتب ابن سعد pdf بروابط مباشرة مجانا كب ابن سعد مصورة للكبار والصغار لموبايل أندرويد أيفون تحميل كتب ابن سعد pdf للتابلت وللكندل والكمبيور تحميل كتب ابن سعد pdf بالعربية و الأنجليزية تحميل مجاني مجموعة كبيرة من الكتب للكاتب ابن سعد.

تحميل كتب ومؤلفات ابن سعد