هنري ميلون دي مونترلان هو كاتب فرنسي من الطبقة التي حافظت على طابعها الأرستقراطي في ترف العيش، وأناقة التفكير والتعبير، والتصرف المشوب بالاستهتار، وطلب المتعة المعنوية والمادية في جو خاص تسوده حرية لا تقرها المبادئ الخلقية دائماً، ولم تألفه العامة. كتب رواية عنوانها "مصارعو الضواري" فاحتل مرتبة مرموقة في طليعة الكتاب الناجحين. وبعد فترة طويلة أصدر سلسلة مؤلفة من أربع حلقات متماسكة ومتلاحقة، وهي: "الصبايا"، و"رأفة بالنساء"، و"شيطان الخير"، و"المجذومات"، ففتحت له أبواب الأكاديمية الفرنسية، إلا أنه دخلها دون احتفال، وفي ما يشبه تكتم الحياء. وأراد المؤلف التخصص في درس جانب معين من المجتمع الفرنسي، وحصر نفسه في هذه السلسلة بين نماذج من الفتيات والنساء، فكان أنه تعمق في الخصوصيات، وأشبعها درساً حتى بلغ قرارة الطبيعة البشرية، فنفذ منها إلى العموميات، إلى ما هو "حقيقة إنسانية" في كل زمان ومكان. وقد يكون هذا الشمول جوهر أدبه، والقيمة العليا التي تجعل من هذه السلسلة مؤلفاً وافر الحظ تسنم ذروة الخلود.